دراسة تحليلية: الهدنة الإنسانية حوّلت الحديدة إلى مركز نفوذ اقتصادي وأمني متنامٍ للحوثيين

دراسة تحليلية: الهدنة الإنسانية حوّلت الحديدة إلى مركز نفوذ اقتصادي وأمني متنامٍ للحوثيين

أصدرت منظمة مبادرة مسار السلام دراسة تحليلية معمقة بعنوان "آفاق السلام في الحديدة"، أعدّها الصحفي والباحث الحقوقي بسيم الجناني، تناولت الأبعاد المحلية والإقليمية والدولية المؤثرة في مسار السلام بمحافظة الحديدة، إحدى أكثر المحافظات اليمنية حساسية في الصراع. 

وأكدت الدراسة أن المحافظة تمثل نموذجاً معقداً يجمع بين العوامل المحلية والإقليمية والدولية، وأن فهم التحولات منذ اتفاق ستوكهولم 2018 أمر أساسي لتقييم فرص السلام في اليمن.

وسلّطت الدراسة الضوء على التطورات التي أعقبت الهدنة الإنسانية المعلنة في إبريل 2022، والتي فتحت ميناء الحديدة أمام السفن بمافي ذلك شحنات الوقود والسلع التجارية دون وجود رقابة فعالة على الإيرادات الجمركية والضريبية.

ووفق الدراسة فإنه على الرغم من تهدئة الجبهات ميدانياً، أفضت هذه الهدنة عملياً إلى نتائج عكسية عززت من قوة جماعة الحوثي، حيث سمحت بزيادة حركة السفن وإيرادات الموانئ دون رقابة صارمة، ما مكّن الجماعة من توظيف هذه الموارد لتمويل مجهودها الحربي وتوسيع نفوذها العسكري والأمني، لا سيما في المناطق الساحلية الاستراتيجية.

وأوضحت الدراسة أن الإيرادات الجمركية والضريبية التي جمعتها جماعة الحوثي من ميناء الحديدة خلال عام 2022 بلغت أكثر من 100 مليار ريال يمني، أي نحو 170 مليون دولار أمريكي، ولم تُحوّل إلى البنك المركزي أو تُستخدم لدفع رواتب الموظفين، بل صُرفت في تعزيز قدرات الجماعة العسكرية والأمنية، ما جعل المحافظة مركز نفوذ اقتصادي وأمني متنامي للجماعة خلال فترة الهدنة.

وأضافت الدراسة أن محافظة الحديدة تعاني منذ عقود من تهميش سياسي وإقصاء من السلطة، إذ لم يترجم الوزن السكاني والجغرافي الكبير للمحافظة إلى تمثيل عادل في مؤسسات الدولة، بينما عمّقت مصادرة الأراضي واحتكار الموارد المالية شعور السكان بالإقصاء والحرمان. 

وتواجه المحافظة أيضاً تحديات تنموية كبيرة، حيث تغطي الكهرباء نسبة ضئيلة من السكان وتفتقر معظم المناطق إلى شبكات مياه وصرف صحي فعالة، بينما يعيش أكثر من 80% من السكان تحت خط الفقر، مع تفشي البطالة وسوء التغذية وضعف الخدمات الصحية والتعليمية، رغم وجود ثلاثة من أهم الموانئ اليمنية داخل المحافظة، وفق الدراسة.

وأبرزت الدراسة أن الصراع على النفوذ والثروة بين القوى المحلية، بما فيها جماعات مسلحة وأحزاب قبلية وسياسية، يعرقل بناء سلطة مستقرة ويحول دون توزيع عادل للموارد، في حين تُعقّد التركيبة السكانية والاقتصادية المستقرة جزئياً على الزراعة وصيد الأسماك من إمكانية تحقيق تنمية متوازنة في المناطق الريفية والحضرية.

وحذرت الدراسة من أن الوضع الأمني لا يزال هشاً، مع استمرار إغلاق الطرق، وتدمير البنية التحتية، وتدهور مصادر المياه، وتوقف الخدمات الأساسية مثل المراكز الصحية والمدارس، بالإضافة إلى مخاطر الألغام الأرضية التي تزيد من معاناة المدنيين والمزارعين والصيادين. 

وأشارت إلى أن استمرار حالة "اللاحرب واللاسلم" أو العودة إلى المواجهات المسلحة يُعد تهديداً مباشراً للاستقرار المحلي ويقوّض جهود التعافي من آثار الحرب.

وأكدت الدراسة التحليلة على أن تحقيق السلام والاستقرار في الحديدة يتطلب مقاربة شاملة تراعي الأبعاد المحلية والإقليمية والدولية، مع تعزيز المشاريع التنموية المستدامة، وإشراك المجتمع المحلي، وتفعيل دور بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (UNMHA)، والالتزام الكامل بتنفيذ اتفاق ستوكهولم، لتشكيل قاعدة صلبة لاستقرار طويل الأمد يخدم المحافظة واليمن بشكل عام.

يمكنكم الاطلاع على الدراسة من هنا:

آفاق السلام في الحديدة



شارك الخبر


طباعةإرسال