ملف الوظائف العامة في اليمن.. إرث الصراع الثقيل وعدو السلام الذي يتجاهله السياسيون (تحقيق خاص)

ملف الوظائف العامة في اليمن.. إرث الصراع الثقيل وعدو السلام الذي يتجاهله السياسيون (تحقيق خاص)موظفون حكوميون يتزاحمون في مكتب للبريد بصنعاء لتسلّم رواتبهم (رويترز)

سبع سنوات من الحرب في اليمن، أحدثت انقسامًا شديدًا شمل جميع المجالات؛ بما فيها انقسام المؤسسات داخل جسد الدولة، مخلفاً مأساة مهولة لم تشهدها اليمن من قبل ولم يكن لأحد تخيّلها في أسوأ السيناريوهات.

ويعد ملف موظفي القطاع العام من أهم الملفات التي لخّصت حجم هذه المأساة؛ فمن عجز تسليم الرواتب لقرابة ١.٢ مليون موظف في القطاع العام، نتيجة انقسام البنك المركزي ومؤسسات الدولة الأخرى، إلى تضخم وظيفي وعشوائية ومحسوبيات أنهكت الهيكل التنظيمي لنظام الخدمة العامة. وهذه الاختلالات لم تلق مكانها في المشاورات الجارية ما يهدد بانهيار جهاز الدولة وإجهاض أي عملية توافق قادمة في البلاد.

يتناول هذا التحقيق الوضع الحالي لجهاز الخدمة العامة في اليمن، ويفتح ملف التحديات المركّبة التي ستواجه الحكومة الانتقالية القادمة، سواء التحدّيات المتجذّرة في البيئة المؤسسية لنظام الوظيفة العامة، أو الأضرار التي أحدثتها الحرب ومنها الزيادة بأعداد الموظفين والتكاليف المادية التي لا تستطيع الموازنة العامة الإيفاء بها.

واستطلع «المصدر أونلاين» آراء خبراء تكنوقراط لتفكيك هذا الملف وبيان تعقيداته المتراكمة منذ عقود، وتقديم مصفوفة معالجات تفصيلية لإصلاحه.

ويمكن لهذه المعالجات أن تساعد السياسيين على استيعاب حجم المشكلة والإلمام بتعقيداتها، وتوجيه الأنظار نحو حلول دائمة تخفف أعباء الجهاز المالي للدولة، وتحافظ على بقاء المؤسسات، وتحقق التوافق السياسي الدائم.

تغييرات كبيرة

منذ اندلاع الحرب جراء انقلاب مليشيا الحوثي المتمرّدة، المدعومة من إيران، وسيطرتها على العاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر ٢٠١٤، لجأت الحكومة الشرعية- المعترف بها دوليًا- لنقل مؤسسات الدولة إلى المناطق المحررة، فيما أحكم الحوثيون سيطرتهم وعيّنوا أتباعهم في هياكل المؤسسات الحكومية في المناطق الخاضعة لهم. ومن حينها احتدم السباق بين الطرفين نحو التوظيف والتجنيد وتحميل مؤسسات الخدمة العامة أعباءً والتزامات إضافية فوق طاقتها.

وتكشف إحصائيات حديثة حصل عليها «المصدر أونلاين» من مصادر في مجلس الوزراء وأخرى أمنية وعسكرية في عدن ومارب وصنعاء، عن تغييرات كبيرة أحدثتها الأطراف في الوظيفة العامة- كمّاً ونوعاً- خصوصاً في القطاع العسكري والأمني؛ شملت هيكلة الأجور والمرتبات والتوظيف والإحلال.

وتظهر البيانات زيادة في أعداد القوات العسكرية والأمنية لدى جميع الأطراف تجاوزت كثيراً بيانات عام ٢٠١٤ والتي تعد آخر إحصائية رسمية معتمدة، إذ كان قوام القوات المسلحة اليمنية حينذاك ٣٦٥ ألفًا، منهم 60 ألف ضابط و305 ألف جندي، وعدد قوات الأمن ١٨٢ ألفًا، منهم ١3 ألف ضابط و١٦٩ ألف جندي.

وحتى عام 2020، بلغ قوام القوات المسلحة للحكومة الشرعية ٣٨٣ ألف جندي وضابط. وتضم عددًا كبيرًا من العسكريين القدامى، إضافة إلى المجندين حديثاً ينتمي أغلبهم للمنطقة العسكرية الرابعة (عددهم ٢٤٠ ألف جندي وضابط، منهم ألوية الدعم والإسناد التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًا وألوية العمالقة، مقابل ١٤٣ ألفًا في بقية المناطق العسكرية باليمن). فيما بلغ عدد مسلحي مليشيا الحوثي ١٢٠ ألف جندي وضابط. واقتصرت على من جنّدتهم منذ انقلابها ومعظمهم من فئة الشباب. ووفقاً لبعض المصادر فإن إجمالي القوات الحوثية- الجديدة منها والقديمة- تقدّر بـ٢٠٠ ألف جندي وضابط.

وإلى ذلك، بلغ قوام ألوية حراس الجمهورية التابعة للعميد طارق صالح (نجل شقيق الرئيس الراحل علي صالح) والمتواجدة في السواحل الغربية نحو ٣٢ ألف جندي وضابط؛ أغلبهم كانوا ضمن قوام الجيش اليمني سابقًا.

وفي القطاع الأمني، بلغ قوام القوات الأمنية الحكومية حتى ٢٠٢٠م حوالي (١١٥٤٩٩) جندي وضابط، منهم (٤٩٦٤٦) من الجدد وتشمل من ضمنها تشكيلات الحزام الأمني وبعض الألوية التابعة للانتقالي وما تبقى من اللجان الشعبية بمحافظة أبين. فيما بلغ قوام قوات مليشيا الحوثي الأمنية ٦٩٣٠٠ عنصر أمني، وجميعهم ممن جنّدتهم المليشيا بعد انقلابها وألحقتهم بوزارة الداخلية، ومنهم 8 ألف ضابط و(٦١٣٠٠) جندي. ويضاف إليهم عدد محدود من الضباط والجنود القدامى يقومون بمهام ثانوية تحت إشراف الحوثيين.

ورغم حرص فريق «المصدر أونلاين» على شمولية ودقّة هذه الأرقام؛ إلا أن احتمال اختلاف بعض ما ورد فيها عن الواقع أمرًا واردًا نظرًا لطبيعة الملف وخطورته وصعوبة الظروف المحيطة به.


نموذج للتغييرات الأمنية

وينشر «المصدر أونلاين» نموذجًا لأحد جوانب التغييرات في القطاع الأمني، يظهر فيها قيام المليشيا الحوثية بنشر أكثر من 68 ألف من عناصرها الأمنية في 21 محافظة يمنية؛ شملت مناطق خارج سيطرتها. 

وفي المقابل، تكشف الوثائق أن الحكومة الشرعية أعادت نشر (38577) من قواتها الأمنية في العاصمة المؤقتة عدن، منهم (١٩٦١٥) من الضباط والجنود القدامى و(١٨٩٦٢) ممن جُنّدوا خلال سنوات الحرب.



خارطة انتشار قوات الأمن الحكومية في العاصمة المؤقتة عدن
المصدر: وزارة الداخلية في عدن

تغييرات بنيوية في القطاع العسكري

وإلى ذلك، تظهر المعلومات والبيانات التي حصل عليها «المصدر أونلاين» تغييرات عميقة أحدثتها الأطراف في النظام البنيوي للمؤسستين العسكرية والأمنية تجاوزت تعطيلها وإفراغها من كوادرها المؤهّلة واستغلال مقدّراتها إلى استحداث كيانات موازية لمؤسسات الدولة تستخدمها لتعزيز سلطتها الأمنية وزيادة أرصدتها المالية ودعم موقفها السياسي، وتعد التغييرات التي تجريها مليشيا الحوثي هي الأوسع والأخطر.

ووفقاً للمعلومات التي حصل عليها فريق التحقيق، فقد تنوّعت التغييرات التي تجريها مليشيا الحوثي بين استحداث كيانات طائفية موازية في مؤسسات ووحدات الجيش والأمن، أو دمج مؤسسات ووحدات أمنية سابقة في كيانات جديدة تعمل لصالحها.


ومن ضمن الأجهزة والوحدات التي أنشأتها مليشيا الحوثية خارج مؤسسات الجيش والأمن، ما يسمّى بقوات النخبة "القوات الخاصة" وتخضع لإشراف زعيم المليشيا عبدالملك الحوثي وتضم 5 ألف مقاتل. وما يسمّى بألوية "الحماية الرئاسية" أنشأتها في صنعاء وتتبع عبدالخالق الحوثي (شقيق زعيم الجماعة). وكذا ألوية "أنصار الله" وتضم 10 ألوية منها "لواء الهادي، لواء القاسم، لواء الإمام زيد، لواء العياني". وألوية نصر 1، 2، 3، 4. وكتائب تسمى "الدعم والإسناد". إضافة إلى ألوية أخرى يشرف عليها مشائخ حوثيون ويحشدون إليها من أبناء القبائل، وفقاً لمصادر عسكرية وأخرى تعمل ضمن مؤسسات تحت سيطرة الحوثي تحدّثت لـ«المصدر أونلاين».

وفي المقابل، دعمت الحكومة الشرعية تأسيس العديد من التشكيلات المسلحة تحت مسمى المقاومة الشعبية لمواجهة انقلاب الحوثيين قبل أن تدمجها لاحقاً ضمن قوات الجيش بعد إعادة تأسيس المناطق العسكرية.

وبعد انطلاق عملية «عاصفة الحزم» في مارس 2015 بقيادة المملكة العربية السعودية لدعم الحكومة الشرعية في اليمن، شرعت المملكة بإنشاء تشكيلات عسكرية داخل اليمن لقتال الحوثيين، ومنها عشرات الألوية والكتائب على امتداد الشريط الحدودي بين اليمن والسعودية ويقودها دعاة سلفيين ومشائخ قبليين، معظمها خارج إطار الدولة الرسمي.

وكذلك أشرفت الإمارات- ثاني دولة في التحالف- على إنشاء تشكيلات عسكرية وأمنية تابعة للمجلس الانتقالي الذي يسعى لفصل جنوب اليمن عن شماله، ومنها الأحزمة الأمنية وألوية النخب وقوات الدعم والإسناد وتضم نحو 90 ألف مقاتل. إضافة إلى ألوية العمالقة وتضم 12 لواء يبلغ قوامها نحو 22 ألف مقاتل. ولاحقاً دعمت طارق صالح لإنشاء نحو 10 ألوية قتالية تحت مسمى قوات "حراس الجمهورية".

أضرار القطاع المدني

ولا يختلف الأمر كثيراً في القطاع المدني، إذ أحدثت فيه جميع الأطراف تغييرات جوهرية مست بجوهر هيكل الأجور والمرتبات، وعمليات إحلال وتغييرات في الوظائف العليا وتعاقدات بكامل السلم الوظيفي، وكذا استحداث مؤسسات وهياكل جديدة ألحقت به أضراراً مادية وبنيوية إلى ما يعانيه من اضطرابات سابقة.

وأوضح مسؤولون سابقون في وزارة الخدمة المدنية لـ«المصدر أونلاين» أن ما يجري حالياً في جهاز الخدمة المدنية هو إحلال موظفين بدل آخرين وليس توظيفًا جديدًا. مؤكدين أنه لا يوجد أي توظيف جديد رسمي في الخدمة المدنية منذ توقيفه رسميًا عام ٢٠١٣ بقرار رئاسي. ما يعني أن كل توظيف تم أو يتم ليس له أي سند قانوني أو اعتماد رسمي في وزارة الخدمة المدنية في الحكومة الشرعية ولا تندرج الرواتب ضمن المشمولين رسميا – أو هكذا ورقيا- ضمن بند الأجور والمرتبات في الموازنة العامة للدولة.

وحول عمليات الإحلال، قالت المصادر ذاتها إن معظمها تركّزت في الوظائف العليا (أ، ب) وأغلب هذه العمليات "سياسية" وتتم بالتعيين، ويصعب حصرها لعشوائيتها وعدم قانونيتها.

وحدد القانون اليمني نوعين من الوظائف العليا: وظائف سلطة عليا، وتشمل نائب وزير وما يعلوه حتى رئيس الجمهورية، ووظائف إدارية عليا، وتشمل وكيل وزارة ووكيل مساعد ومدير إدارة عامة وما في مستواهم. وما عدا ذلك تتنوع بين درجات ومستويات وظيفية متعددة.

وشملت التغييرات التي أحدثتها الأطراف، الحكومة المركزية والسلطات المحلية على حد سواء. ووفقاً لمصادر عملت سابقا في هذا الملف قابلها «المصدر أونلاين» فإن بعض المحافظات شهدت تغييرات واسعة شملت كامل مفاصل السلم الإداري، ومنها مثلاً محافظة ذمار، حيث أجرت مليشيا الحوثي تغييرات كاملة لمدراء المديريات والإدارات بآخرين من أتباعها العقائديين؛ معظمهم من خارج الهيكل العام للدولة.

وبرغم تمايز الصفة القانونية بين الحكومة الشرعية ومليشيات الحوثي، إلا أن التوظيف عند الجانبين يفتقد لمرجع الخدمة المدنية على حد سواء.

وتحدّثت المصادر عن نوع من التوظيف يتم عن طريق السلطات المحلية بالتعاقد، وهذا لا يخضع لهيكل الأجور الخاص بالخدمة المدنية (الباب الأول من الموازنة)، بل تصرف لها من الميزانية التشغيلية الخاصة بالسلطات المحلية. مضيفة أن عمليات التعاقد زادت بشكل كبير خلال فترة الحرب رغم أنها مشكلة قديمة.

وإلى ذلك، كشفت المصادر عن عمليات منهجية تمارسها الأطراف للإضرار ببنية مؤسسات الدولة، وتمثّلت في استحداث مؤسسات وهياكل جديدة سواءً مستقلة بحد ذاتها أو ضمن المؤسسات السابقة. وتتنوّع مخاطرها بين أضرار بنيوية لا يمكن إصلاحها على مدى عقود كتلك الكيانات الطائفية الموازية التي أنشأتها مليشيا الحوثي، وبين استحداثات تحمّل الدولة أعباءً مادية كبيرة كالملحقيات التي أنشأتها الحكومة الشرعية في بعض السفارات، والتي أضافت إلى ميزان الأجور والمرتبات ما يبلغ (٩ مليار و٣٨١ ألف ريال يمني).

أعباء إضافية

حتى قبل الحرب التي أعقبت الانقلاب الحوثي، بلغت الاحصائيات الرسمية لموظفي لجهاز الدولة بشقيه العسكري والمدني (١٠٣٠٥٤٣ موظف) تمثّل نسبة أجورهم ٤٥٪ من الموازنة العامة؛ منها 25% أجور العاملين بالقطاع المدني و20% أجور القطاع العسكري، وفقاً لقاعدة بيانات ٢٠١٤ لكل من وزارة الخدمة المدنية ووزارة المالية.

وبحسب موازنة ٢٠١٤، فإن إجمالي إيرادات اليمن بلغت (١٠.٢ مليار دولار)، فيما مصروفات الدولة وصلت إلى (١٣.٤ مليار دولار)، يثقل كاهلها الباب الأول من الموازنة المتمثل بالأجور والمرتبات للعاملين بنسبة (٤٥٪)، وعجز ٣٠ ٪ ودين داخلي ١٢٢٪، ودين خارجي ٢٠ ٪. هذا يعنى أن اليمن لديها فقط ٥٥٪ متبقية للإنفاق على التعليم والصحة والبنية التحتية وغيرها، وفقاً للتقرير الختامي لموازنة ٢٠١٤.

وتوقّع مسؤول بوزارة المالية في حديث لـ«المصدر أونلاين» وطلب عدم الكشف عن اسمه، أن موازنة أجور الموظفين في الجهاز الإداري للدولة- العسكري والمدني- ستزيد ٣٥٪ عن الإحصائيات القديمة (قاعدة بيانات ٢٠١٤). وسيأخذ الجهاز العسكري والأمني النصيب الأكبر من هذا التضخم. لافتاً إلى أن فاتورة الأجور والمرتبات بموازنة ٢٠١٩ لجهاز الدولة عند الحكومة الشرعية فقط بلغت (١.٢٢٣.٥٢٥.٠ ريال).

ويعني ذلك، وفقاً للمسؤول، أن الدولة لم تعد قادرة- بمواردها المتاحة- على القيام بمسؤولياتها وتعهداتها تجاه المواطنين في الظروف الاعتيادية، ناهيك عن وضع ما بعد الحرب، وهو ما يعني احتياج وعبء إضافي نتيجة انهيار الاقتصاد وارتفاع معدلات البطالة وزيادة عدد الجرحى والمقعدين والقتلى؛ والذي ستتحمّل الدولة أعباء إعالة أسرهم خلال المرحلة القادمة بشكل مباشر أو غير مباشر.

وعملياً، كان يمثّل جهاز الدولة تحديًا كبيرًا للاقتصاد اليمني في ظل شحة الموارد والعجز الدائم للموازنة على مدى العقود الماضية. وهو اليوم في وضع أكثر صعوبة في ظل الصراع المرير الذي قوض مشاريع البنى التحتية والخدمية وأفقد الدولة السيطرة على مصادر وموارد البلاد. وكل ذلك شكّل عبئًا ثقيلًا على كاهل الدولة- خصوصًا- وأن معظم موظفي الدولة في قطاعات غير منتجة"، وفقاً للمسؤول الحكومي.

مشكلة التضخم

أشار مسؤولون ومختصون قابلهم «المصدر أونلاين»، إلى أن الزيادة المتوقعة في عدد المجندين الجدد في السلك العسكري والأمني، والتعيينات التي تمت في الجهاز الإداري والمدني للدولة بعيدًا عن قوانين الخدمة المدنية، وكذا حالات التسريح والإحلال غير القانوني، ستكون العائق الأبرز أمام أي عملية انتقال سياسي في البلاد. موضحين أن هذه الزيادة تهدد بقاء مؤسسات الدولة واستمرارية الإنتاج، وتشكّل عبئاً على هيكل الأجور والمرتبات في موازنة الدولة التي كانت أساساً في وضع حرج قبل الحرب وزادت سوءًا أثناءها.

وفي السياق ذاته، حذّر وكيل لوزارة الخدمة المدنية في مقابلة هاتفية مع «المصدر أونلاين» من التعامل الخاطئ مع التضخم في أعداد موظفي جهاز الدولة كونه يؤدي إلى نتائج سلبية أكثر مما هي عليه الآن.

وقال إن قبول نسبة من الزيادة الحالية دون العودة إلى المؤسسات ذات العلاقة يؤدي إلى شلل تام في قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها.

وأكد الوكيل الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أهمّية النظر بشكل أوسع لمشكلة التضخم والتعامل مع الخدمة المدنية كمنظومة متكاملة مترابطة مع بعضها. مؤكداً ضرورة أن تتضمّن أي تسوية حلولًا قريبة وبعيدة المدى في إطار تعهد سياسي من قبل الأطراف يقر بأهمية إصلاح هذه المنظومة قبل انهيارها على الجميع.

إضافات غير مؤهلة

وإضافة إلى المشكلة المالية، أوضح مسؤولان أحدهما مسؤول سابق في رئاسة الوزراء عن شكل آخر من التحدّيات القادمة فيما يخص مشكلة التضخم تتعلق بجانب التأهيل والتدريب لهذه الأرقام الجديدة.

وأوضح المصدران في أحاديث منفصلة مع «المصدر أونلاين» أن هذه الإضافات غير مدربة ووصلت للوظيفة العامة من خلال استحقاق سياسي؛ وهو ما يخلق ولاءات متعددة داخل أجهزة الدولة، وبالتالي يؤدي إلى ضعف في الانضباط والإنتاج؛ وأحيانًا إلى التعطيل التام خاصة في المؤسسات الخدمية.

ووفقاً للمصدرين، فإن أي حكومة انتقالية ستكون بحاجة إلى قرارات جريئة بعضها مؤلمة؛ لكنها ضرورية لإصلاح المنظومة وضمان ديمومة عملية السلام، وتنازلات أخرى تضمن الحقوق وتحمي المؤسسات في آن واحد. وتشمل تلك القرارات مراجعة لوائح الأجور والمرتبات بما يتوافق مع الوضع الاقتصادي الجديد وما أفرزته الحرب من تحديات على جميع المستويات.

إرث ثقيل

    مر نظام الخدمة المدنية في اليمن بمراحل تطور متعددة بدءً من تأسيس الجمهورية شمالًا ودحر الاستعمار البريطاني جنوباً عام ١٩٦٧. ومع تحقيق الوحدة اليمنية عام ١٩٩٠، وضم مؤسسات الدولة في الجنوب والشمال، جرى إعادة تشكيل الخدمة المدنية بقرار جمهوري رقم (١٩) لسنة ١٩٩١م. ويشمل جهاز الخدمة العامة التابع لوزارة الخدمة المدنية كافة سلطات وأجهزة الدولة المدرجة في الموازنة العامة للدولة.

    وتشير المصادر التي تحدّث إليها «المصدر أونلاين» أن الوظيفة العامة وجهاز الخدمة المدنية- خصوصًا- كانت محل جدل دومًا. ورافق تشكيل هيئاتها أخطاءً كبيرة أدت إلى الوضع الذي تعانيه الخدمة العامة اليوم.

    وأرجع مسؤول بوزارة الخدمة المدنية في عدن، اشترط عدم ذكر اسمه كونه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام، السبب الأبرز لمشكلة الخدمة العامة هو "ضعف التقاليد المؤسسية التي رافقت مرحلة بناء الدولة بعد الوحدة عام ١٩٩٠ خاصة في مؤسستي الجيش والأمن".

    وقال في حديثه لـ«المصدر أونلاين» إن "القطاع الوظيفي في المجال المدني والعسكري تحوّل إلى ما يشبه الرعاية الاجتماعية، واستخدمت الوظيفة العامة كوسيلة من وسائل الكسب السياسي".

    وأضاف أنه "ومع سيطرة فصيل سياسي واحد على السلطة، منتهجا هذه الآلية، خلق مظلوميات وشعور عام بالاستبعاد السياسي لدى الأطراف المنافسة والمعارضة للسلطة؛ توجت بتجمع للمعارضة بأحداث ٢٠١١". مضيفاً أن "هذا التقليد استمر مع مجيء قوى أخرى، وكل ذلك ساهم في تضخم هذه القطاعات وزيادة الأعباء التي كان من المفترض أن تذهب إلى مجالات التنمية".

    ووفقاً لمحافظ سابق عمل في هذا الملف، فإن هذه الأجواء خلقت تصورًا لدى الأطراف السياسية بأنها ملزمة بتوزيع الوظائف العامة بين الموالين لها لتحسين أوضاعهم بغض النظر عن الجدارة أو الكفاءة". مضيفاً أن القوى الجديدة في السلطة واللاعبة اليوم تعتبر أن ذلك استحقاق نتيجة للاستبعاد أو التهميش الذي عانته في المراحل السابقة".

    وتوقع المحافظ، الذي طلب عدم كشف اسمه، أن هذا الإرث سيستمر إلى ما بعد التسوية (إن تمت) أو المرحلة الانتقالية، أيها كان شكلها، كونه نظام حاكم للشخصية اليمنية التي ترى في السلطة وسيلة للوصول إلى الثروة. مشدداً على أهمّية وضع إجراءات لمحاصرة هذه الظواهر بتعهدات سياسية من الأطراف لمنعها من تهديد التسوية التي عادة ما تكون هشّة في مراحلها الانتقالية.

    تأثيرات الصراع

    وإلى جانب التقليد السلبي المتوارث في التعامل مع المؤسسات، كشفت مصادر عسكرية ومدنية متعددة قابلها «المصدر أونلاين» عن تأثيرات مباشرة للصراع الحالي على كل أجهزة الدولة ووحداتها العسكرية والمدنية.

    ففي الجانب العسكري، قالت المصادر إن الحرب أحدثت انقسامات شديدة في الخطاب الوطني وفي تصور الأطراف لطبيعة الحرب. وهو ما يخلق الحاجة إلى توظيف جديد يلبي هذه العقائد الجديدة.

    وعلى المستوى المدني، أوضح مسؤول في البنك المركزي بعدن، أن الصراع خلق إقطاعيات داخل الجهاز الإداري في ظل انهيار عمل المؤسسات خاصة في القطاعات الإيرادية، وفتح المجال للكثير من الفساد، خصوصاً مع تعرف قيادات الأطراف على فرص نهب المال العام في ظل غياب الرقابة.

    وقال إن هذه "واحدة من حلقات اقتصاد الحرب التي دائمًا ما ستصبح عائقًا في المرحلة الانتقالية؛ كونها تمثل مصالح الأطراف المتنازعة من خارج المؤسسات، وأحيانًا متصلة بمصالح مع الإقطاعيات عند الخصوم".

    وأوصى المسؤول بانتزاع وظائف ومؤسسات مركزية من الأطراف المستفيدة من حالة الحرب وإخضاعها لموظفين تكنوقراط؛ نظرًا لأهميتها في تماسك مؤسسات الدولة ووقوفها على قدميها بعد الحرب. مؤكّداً أهمية حيادية هذه المؤسسات لضمان ترسيخ سلام دائم، وأهمّها وزارات المالية والنفط والاتصالات ومؤسسات الموانئ والمنافذ البرية والمطارات.

    تحدّيات وموارد محدودة

      وحول إمكانية قدرة الخدمة المدنية والبنك المركزي لاستيعاب حجم الزيادة في أعداد الموظفين الجدد، قال وزيران سابقان للخدمة المدنية ووكيل للبنك المركزي لـ«المصدر أونلاين» إنها تمثّل (صفر) لأن فاتورة الرواتب والأجور مرتفعة أساسًا مقارنة بالموارد الحالية للدولة، فضلًا عن زيادة متوقعة بنسبة ٢٥٪ كعلاوات وزيادات مستحقة، واستحقاقات سابقة من رواتب لم تصرف لقطاع كبير من الموظفين لعدّة أشهر.

      وتوقّع مختصون بوزارة المالية في حديث لـ«المصدر أونلاين» ارتفاع كلفة الأجور الحكومية خلال المرحلة المقبلة إلى فوق ثلث مستويات الإنفاق العام، مقابل انخفاض حاد في حجم الإيرادات العامة للدولة وانخفاض وتيرة النشاط الاقتصادي في القطاع العام والخاص والمختلط.

      وأشاروا إلى أنه في حال استطاعت الحكومة الإنتقالية تسديد رواتب الموظفين مع نسبة ٥-١٠٪ زيادة كاستحقاق سياسي نتيجة التسوية، فإن الراتب بقيمته الحالية لا يفي باحتياج الموظف في ظل تراجع قيمة العملة وارتفاع الأسعار، وبالتالي لا يضمن الانضباط الوظيفي المطلوب لتوفير الخدمات الأساسية للمواطن. مشيرين إلى أن هناك مؤسسات خدمة مدنية تحتاج أيضاً إلى خطة إسعاف لضمان قدرتها على الوفاء بالتزاماتها، ومنها الهيئة العام للتأمينات وصناديق التقاعد.

      ووفقاً للمختصّين فإن هذه التحديات حقيقية وتحتاج لإصلاحات جذرية أولًا، ثم تدخل من دول الجوار لدعم الفترة الانتقالية ماليًا، وفتح أسواقها أمام البضائع والعمال اليمنيين. معتبرين التدخّل الخليجي في هذه الحالة "ضرورة أمنية لضمان ديمومة الاستقرار في المنطقة".

      هل ما زال الإصلاح ممكنا؟

      بطبيعة الحال فإنه أثناء الحرب يمكن للجميع اتخاذ قرارت لوقف التدهور لكن الإصلاح سيكون شبه مستحيلا. لكن ماذا عن مرحلة ما بعد الحرب؟ ماذا ينتظر اليمن في هذا الملف المنهك والمهم في نفس الوقت لاستقرار أي حكومة سواءً كانت حكومة المنتصر أو المفاوض.

      وللإجابة على هذا الاسئلة، تحدث فريق التحقيق إلى خبراء ومسؤولين في الخدمة المدنية، الذين أجمعوا على أن تحديات الخدمة المدنية ما بعد الحرب ستكون أكثر الجبهات تهديداً لاستقرار اليمن واستدامة السلام فيه. ولتجاوز ذلك – قال الخبراء- فإن الحكومة الانتقالية ستكون بحاجة إلى تخفيف النفقات وإعادة الثقة للمواطنين بجهاز الدولة، وذلك بالاتفاق على مصفوفة قرارات تعيد الاعتبار للوظيفة العامة وفق معايير الخدمة المدنية المعمول بها سابقًا وذلك للحفاظ على مؤسسات الدولة.

      وتشمل هذه القرارات إلغاء كافة القرارات التي تم اتخاذها خارج الهيكل العام للدولة من قبل جميع الأطراف، وكذا إلغاء قرارات تعيين أقارب الوزراء والمسؤولين من الدرجة الأولى والثانية، وإبطال قرارات التعيين المخالفة لقانون الخدمة المدنية، وإلغاء الملحقيات التي تم استحداثها في مختلف السفارات.

      وهذه الخطوات إن تمت ستكسب أيضاً تأييداً جماهيرياً واسعاً يسهم إيجاباً في حل المشكلات الأخرى.

      وفي هذا السياق، اقترح بعض الخبراء البدء من الآن بتشكيل لجان مشتركة لرصد وبحث تفاصيل الحل وقيادة جهود الإصلاح الوظيفي المتفق عليها، وترتيب إعادة دمج البنك المركزي ومعالجة قضية النقد. ويتم اختار أعضائها وفق معايير دقيقة تتصل بالخبرة والمهنية لضمان نجاح مهامها.

      معالجات قصيرة المدى

      في القطاع المدني، يقول الخبراء انه سيكون هناك ضرورة لإعادة توزيع أعداد الموظفين بين الأطراف ممن تم إحلالهم، وكذا تأهيل وإعادة إدماج الموظفين غير المشمولين ضمن قوام الخدمة المدنية في إطار خطة تشترك فيها كل مؤسسات الدولة المعنية.

      وبالنسبة للقطاع العسكري والأمني، فإن العمل فيه سيستغرق جهدًا كبيرًا. إذ وصفته المصادر بأنه "أعقد الملفات بالنظر إلى طبيعة التحديات المحيطة به". لكنها أشارت إلى إنه يمكن للوسطاء تسريع آلية التفاوض حول تفاصيله عبر دعم فني ولوجستي.

      وبحسب مسؤول سابق في القوات المسلحة، شارك في حوارات دمج المقاتلين في حروب الجبهة القومية، تحدّث لـ«المصدر أونلاين» مفضّلاً عدم ذكر اسمه، فإن النظر بحساسية لمواقع وجغرافية المقاتلين سيؤدي لحل يضمن سلام دائم في هذا الملف. مشدداً على ضرورة دراسة تجارب اليمن في التعامل مع المجاميع المسلحة في حروب الجبهة القومية، وحرب ٦٧ وغيرها، عن كثب، والاستفادة من تجاربها وأخطائها.

      صندوق جبر الضرر

      لعل من أهم التحديات التي واجهتها الحكومات الانتقالية سابقاً هي سوء التعامل مع ملفات تفصيلية حساسة وفي مقدمتها ملف القتلى والجرحى، وكذا السيطرة على حاملي السلاح ودمجهم في المجتمع بشكل آمن.

      وفي هذه الحالة، رأت المصادر التي تحدّث إليها «المصدر أونلاين» أنه سيكون هناك حاجة إلى حلول توافقية وفق مرتكزين الأوّل يختص برعاية أسر قتلى الحرب العسكريين. وآخر يعني برعاية ضحايا الحرب من المقاتلين الذين لم يكونوا ضمن قوام الجيش أو الأمن بكشوفات ٢٠١٤م، إضافة للضحايا المدنيين نتيجة الأعمال العسكرية في المدن أو في القرى والمناطق القريبة من خطوط الاشتباك أو ضحايا الألغام.

      وبالإضافة إلى ذلك، ستكون هناك مشكلة تتعلّق بالمجاميع المسلحة والمقاتلين الذين لم تستطع اللجان استيعابهم في القطاع العسكري والأمني. ولمعالجتها اقترح الخبراء في حديثهم لـ«المصدر أونلاين» إنشاء صندوق وطني يدير برنامج شامل لإعادة تأهيلهم ودمجهم في الحياة العامة وظيفيًا واجتماعيًا، بالاشتراك مع الوزارات المعنية ومن ضمنها التخطيط، التعليم، وكذا المنظمات الدولية الشريكة.

      وهناك سببان يؤكدان الحاجة لهذا الصندوق، الأول عجز الباب الأول من الموازنة عن استيعاب كل الأعداد بشكل مباشر في ظل التضخم في الأجور والمرتبات منذ ما قبل ٢٠١٤، والالتزامات التي ستفرضها مرحلة ما بعد الحرب كعملية إعادة الإعمار. والثاني ظاهرة انتشار السلاح والتي تشكّل تهديداً حقيقيًا مستقبلا، والحاجة للسيطرة على المسلّحين.

      معالجات استراتيجية

        ولعل أبرز تحد سيقف أمام أي حكومة تعالج هذا الملف، هو – بحسب موظفين وخبراء في وزارة الخدمة المدنية استطلع (المصدر أونلاين) آراءهم ـ ليس فقط في تسهيل آليات دمج المقاتلين والموظفين- بل في توفير ضروري في ميزان مدفوعات الأجور والمرتبات.

        وقال الخبراء إن اعتماد نظام الرقم الوطني الموحد لمعالجة الازدواج الوظيفي بين القطاعات المدنية والعسكرية والأمنية سيوفر ٣٠٪ إلى ٣٥ ٪ من الوظائف.

        وبحسب مسؤول دائرة في وزارة الخدمة المدنية في صنعاء، فإن جميع الدراسات لاعتماد الرقم الوطني وآليات تنفيذها مكتملة (نفذت من قبل مشاريع بهذا الشأن)، ويمكن البدء من خلال اعتماد الرقم الوطني الموحد الصادر إلكترونيًا عن مصلحة الأحوال المدنية كأساس لربط قاعدة البيانات لكل موظفي الدولة وشمول قاعدة البيانات في القطاع الخاص.

        ووفقاً للمسؤول فإن هذه الخطوة ستؤدي إلى التعامل مع الموظف كرقم بدلًا عن لقب أو اسم واعتماده كنافذة للدخول إلى بيانات الموظف ورقمه المالي مما يزيد من الشفافية في تنفيذ عملية منع الازدواج.

        ويلي ذلك، إصلاحات عاجلة وبعيدة المدى لمؤسسة التأمينات الاجتماعية وصناديق التقاعد. ووفقاً لمسؤولين أحدهما في البنك المركزي بعدن وآخر في هيئة التأمينات، فإن هذا النوع من المشاكل لا ترى حاليًا لكنها ستشكل قلقًا كبيرًا مستقبلًا.

        وبحسب مسؤول في هيئة التأمينات، مشترطاً عدم ذكر اسمه، فإن "صندوق التقاعد حاليًا يعتبر مفلس تمامًا"، ومن المتوقع خلال العشر السنوات القادمة أن يستقبل من ٢٠٠ الى ٣٠٠ ألف متقاعد. لافتاً إلى أن هناك حوالي ١٣٦ ألف متقاعد تمكنت وزارة الخدمة من دفع رواتب معظمهم خلال ٢٠١٩ من خلال استئناف الموظفين دفع أقساطهم التأمينية.

        ووفقاً لدراسة أعدتها وزارة الخدمة المدنية ٢٠١٩، واطلع عليها فريق «المصدر أونلاين»، فإن الحكومة ستكون بحاجة ماسة لإجراء دراسة إكتوارية لتحديد السقف المفترض للمعاش التقاعدي، ووضع سياسة استثمار للهيئة العامة للتأمينات، وإعادة هيكلة لصندوقي التقاعد العسكري والأمني. كما ستحتاج لتطوير التشريعات الخاصة بالتأمينات (مؤسسة التأمينات الاجتماعية، والهيئة العامة للتأمينات) بحيث تدمج كلها تحت مؤسسة واحدة، ويرفع سن التقاعد إلى ٦٥ سنة لتلافي انهيارها.

        ووفقاً لعدد من الخبراء الذين قابلهم «المصدر أونلاين» فإنه سيكون على الحكومة الإنتقالية إعطاء الأولوية لقطاعي التعليم والصحّة، وضمان توفر المرتبات على الأقل لموظفي القطاعين. لارتباطهما بحياة ملايين اليمنيين. فضلاً عن دراسة واقع سوق العمل المحلي، من خلال دراسة مخزون التخصصات العلمية وخريجي كليات المجتمع والمعاهد الفنية، وضمان استيعابها من خلال تقييم العرض والطلاب وفق خطة مشتركة بين وزارتي الخدمة المدنية والتعليم. وكذا دراسة سوق العمل الخليجي ومدى تقبلها واستيعابها للعمالة اليمنية.

        ويصاحب ذلك، إعادة هيكلة اللوائح التنظيمية الداخلية لبعض مؤسسات وهيئات الدولة بما يمنع التضارب والتداخل الوظيفي، وتخفيف حالات التضخم الوظيفي لمؤسسات متشابهة المهام، وفقاً للخبراء.

        مارشال خليجي

          وأشار عدد من المختصّين والخبراء، إلى أن تحسن الوضع الاقتصادي في اليمن سيحتاج إلى فترة طويلة للتعافي بعد الحرب التي أدت إلى الشلل الاقتصادي وانخفاض معدل النمو وهجرة رأس المال وانعدام الثقة.

          ولسد عجز الموازنة حتى ذلك الحين، أكّد الخبراء أهمّية تدخل دول الجوار وعلى رأسها السعودية لمساندة الحكومة الانتقالية.

          وحدد الخبراء ثلاث مجالات يمكن أن تتدخّل هذه الدول من خلالها وأوّلها سد العجز في ميزان الرواتب والأجور خلال الفترة الانتقالية. ويليه دعم برامج إعادة الإعمار لتوفير فرص عمل لاستيعاب الموظفين الفائضين والمقاتلين غير المدمجين في مؤسسات الجيش والأمن. إضافة إلى فتح سوق العمل الخليجي أمام العمالة اليمنية سواءً لاستيعاب الموظفين الفائضين، أو لدعم الحالة الاقتصادية لمئات الآلاف من المغتربين.

          العمود الفقري للسلام

          ولا شك أن التفاوض في بند تفصيلي مثل بند موظفي الخدمة العامة قد لا يشكل أهمية أثناء عملية المفاوضات بقدر أهمية التوافق السياسي وإقناع الأطراف بالتسوية. لكن العديد من المسؤولين والخبراء الذين قابلهم «المصدر أونلاين» أكدوا أن هذا البند يشكل العمود الفقري الذي يحافظ على نجاح العملية الانتقالية أو يفشلها. مؤكّدين أن تعقيدات هذا الملف أكبر مما يتصوره السياسيون حالياً وهم في غمرة انشغالهم.

            وشددوا على أهمية التنبّه لهذا الملف ووضعه ضمن سلّم الأولويات حتى لا يضيع مع زحمة الملفات الأخرى في حين يحتاج إلى كثير من العمل للتوصل لحلول تضمن السلام والاستقرار على المدى البعيد.

            ورأى كثير ممن تحدّث إليهم «المصدر أونلاين» ضرورة تقليص الاستعانة بخبرات دولية في هذا الملف نظرًا لتعقيدات الملف اليمني وصعوبة فهم تفاصيله من قبل الأجانب خصوصاً في الملف العسكري والأمني. مؤكدين أهمّية أن تتزامن الخطوات العملية لمعالجات ملف موظفي الخدمة العامة مع الخط الزمني لمسار المفاوضات السياسية، خلال مرحلة المفاوضات وفي السنة الأولى من العملية الانتقالية.


            شارك الخبر


            طباعةإرسال