فُجع الوسط الفني اليمني اليوم السبت بوفاة الفنان الشعبي علي عنبه في العاصمة المصرية القاهرة، إثر مضاعفات نوبة سكر حادة أدّت إلى توقف قلبه، عن عمر ناهز الـ 46 عاماً، بعد مسيرة فنية امتدت لأكثر من ثلاثة عقود حافلة بالعطاء والإبداع.
وُلد الفنان الراحل عام 1979 في ريف صنعاء الشرقي، ونشأ في بيئة فنية محبة للموسيقى، حيث تعلم العزف على العود والإيقاع على يد والده الذي كان بدوره فناناً يؤدّي التراث الصنعاني الأصيل في الجلسات الشعبية.
بدأ الغناء في التاسعة من عمره عام 1988 مرافقاً لوالده في المناسبات، قبل أن يشق طريقه في عالم الفن الشعبي اليمني منفرداً.
وفي حديثٍ سابق استعاد عنبه بداياته قائلاً إنه كان يعزف إلى جانب والده قبل أن يبدأ الغناء منفرداً، مضيفاً أن أولى محاولاته في التسجيل الفني تعود إلى عام 1994، حين سجّل أول شريط غنائي رُفض من إحدى الشركات، قبل أن تنطلق مسيرته فعلياً عبر شركة صوت اليمن التي أنتجت له أول أعماله وعرّفت الجمهور باسمه.
أوضح عنبه في مقابلة مع قناة اليمن اليوم (صنعاء) أنه لحّن أكثر من سبعين عملاً غنائياً، وسجّل ما يقارب ثمانين أغنية ضمن "ميدليات" توثّق مشواره الفني.
كما شارك في حفلات داخل اليمن وخارجها منذ أواخر التسعينات، من بينها الإمارات وسلطنة عمان والسعودية وألمانيا وهولندا وبلجيكا، مؤكداً أنه كان يحمل معه "نكهة يمنية أصيلة حتى في العروض أمام الجمهور الأوروبي".
وفي البودكاست ذاته، عبّر الفنان الراحل عن تعلقه بالفن الشعبي، قائلاً إنه "لون يتطلب نفساً طويلاً وقدرات صوتية خاصة"، مشيراً إلى سعيه الدائم لتطوير هذا اللون وإعادة تقديمه بروح حديثة دون أن يفقد أصالته.
وقالت وزارة الثقافة اليمنية في بيان نعيها، إن الفنان الراحل بدأ تعلم العزف على العود في سنوات مبكرة من عمره، ورافق في بداياته عدداً من كبار الفنانين اليمنيين مثل أحمد الحرازي وعلي الذرحاني، قبل أن يؤسس فرقة فنية مع أشقائه بسام ويحيى عنبه، ويشارك في مهرجانات داخل اليمن وخارجه في الخليج وأوروبا.
وأضاف البيان أن عنبه حقق شهرة واسعة عبر عدد من الأغاني التي حفظها الجمهور عن ظهر قلب، منها باب المحبة، يا هاجري، ليلة خميس، طاب السمر، عزيز النفس، ووالله يا بنت جارتنا، مشيرة إلى أنه "كان فناناً مبدعاً جمع بين الأصالة والتجديد وأسهم في تطوير الأغنية الشعبية اليمنية".
ونعى فنانون وإعلاميون يمنيون الراحل بكلمات مؤثرة على منصات التواصل الاجتماعي، واصفين إياه بـ"الظاهرة الفنية التي تجاوزت حدود التصنيف الشعبي"، وبأنه "خلق أسلوبه الخاص في التلحين والإيقاع اليمني، وابتكر مدرسة لونية فريدة في الغناء".
وكتب مروان كامل في منشور على "فيسبوك" أن عنبه “لم يكن فناناً شعبياً فحسب، بل مبتكراً خلاقاً لحّن أكثر من سبعين عملاً موسيقياً، وكان من أبرز من استخدم الإيقاع الكوكباني في الأغنية الحديثة، وظلّ مخلصاً لفنه ولم يغنِّ لأي سلطة سياسية رغم الإغراءات”.
وبحسب مقربين، فقد عانى الفنان في السنوات الأخيرة من ضغوط معيشية وصحية، واضطر لمغادرة اليمن قبل أسابيع إلى القاهرة برفقة أسرته، بحثاً عن حياة أكثر استقراراً بعد التضييق على الفنانين وإلغاء حفلات السمر في صنعاء، لكنه لم يمكث في مصر سوى ثمانية عشر يوماً قبل أن توافيه المنية الليلة الماضية.
رحل علي عنبه، لكنه خلّف وراءه إرثاً فنياً غنياً وذاكرة موسيقية حاضرة في وجدان جمهور واسع، إذ وصفه أحد زملائه بأنه "صوت صنعاء الشعبي الذي وحّد بين الريف والمدينة، وغنى للحياة والفرح والكرامة".
شارك برأيك